منتديات ستار رومانس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دموع النخيل العربي

اذهب الى الأسفل

دموع النخيل العربي Empty دموع النخيل العربي

مُساهمة من طرف STAR السبت نوفمبر 29, 2008 2:40 am

• قصــة العجــوز الطــيـبــه
• جن النخيل الاحمر وشراسة الاحتلال
هبت نسمه من هواء الصحراء على مجموعة من نخيل البلح فأخذت تتمايل يمينا ويسارا فى طرب ونشوة ومالت نخلة برأسها على زملية لها تسر لها بكلمات بدت للسامع كحفيف لايمكن تبين معناه ولكن زميلتها سمعته وفهمته فأبعدت رأسها بسرعة معاتية وهى ترسل ضحكات مرحة ، بينما انهمكت اسرة مترابطة من اشجار النخيل فى رقصة مبتكرة رزينة تجاوب معها بقية النخيل وهو يدندن بأصوات رخيمة لايدرك سحرها او معناها إلاشخص عربى اصيل .
ومن بعيد وعبر الطريق الاسفلتى الاسود اتت عربة نقل كئيبة الشكل يتنافر ضجيجها المزعج ومنظرها الفولاذى البارد القاسى مع حيوية ودفء المنظر السابق ثم توقفت على حدود منطقة فضاء قريبة من مجموعة النخيل وسرعان ما انهمكت مجموعة من العمال فى انزال عدد من فسائل اشجار النخيل ثم قاموا بزراعتها فى تلك المنطقة وعادوا من حيث اتوا دون ان يدركوا انهم بفعلتهم تلك وضعوا بذرة مأساه رهيبة ستصيب اشجار نخيل البلح العربية فى مقتل .. مأساه سببها جهل الانسان وقلة حيلته .
صديقتنا النخلة
منذ حوالى خمسة الالاف عام ظهرت شجرة عجيبة فى شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا كتلة هائلة من المتناقضات العجيبة عدد كبير من الجريد الاخضر الذى يحمل اوراقٍٍآ شمعية خضراء تكون رأسا هائلا يصل قطره الى ستة امتار يحملها جذع نحيل فارع قد يصل طولة الى ثمانية عشر مترآ ولا يتعدى قطره الخمسين سنتيمترآ مما يعطى انطباعا بأنة لن يتحمل ابدآ ثقل هذا الرأس وان النخلة بكاملها ستنقسم الى قسمين مع اول هبه من هبات الريح ولكن العرب يدركون زيف هذا الانطباع فى هذا الجذع الضعيف طالما تصدى لاعنف الرياح واكثرها جبروتآ وحافظ ببسالة على تلك الرأس الطيبة التى تحميها فى الظروف التى تفشل فيها اشد الاشجار صلابة واكثرها تناسقا فى البقاء حية ان السر فى ذلك هو مرونة النخلة التى يضرب بها الامثال فبرغم شموخها وعزة نفسها الا انها تنحى بكل تواضع للعاصفة حتى تمر .
العجوز الطيبة
ليس هذا هو منبع التناقض الوحيد بين منظر النخلة وحقيقتها فجذعها اليابس الملئ بالنتوءات الخشنة ذو اللون الشاحب قد يعطى انطباعا كاذبا اخر وهو اننا امام شجرة عجوز عقيم لانفع منها ولافائده ولكن العربى الذى لاتغره المظاهر ابدا يدرك ان داخل هذا الجذع الجاف قلب ابيض ينبض بالحياه وان حياته وحياة ذريتة مرهونة بحياة النخيل الذى يزرعه فثمارها الحلو ة التى يطلق عليها اسم البلح ايضا هى الغذاء المتكامل الذى نشأ علية وغذى ابناءه منه فاصبحوا مثالا للقوى والبأس وصحة الجسم والبلح هو الواء الشافى الذى يقية وذريته من الامراض ويعالجها ومن جريدها يصنع اثاث منزله ومن سعفها تتكون اوعيته وسلالة ومن ليفها حباله المتينة الشهيره نعم قد تصبح النخلة فى يوم من الايام عجوزا عقيما فعلا ولكن هذا اليوم لايأتى ابدا الابعد مائة عام من العطاء المتواصل فالنخلة تبدا فى الاثمار قبل ان تصل الى عامها الثامن وتصل الى مرحلة النضج فى عامها الثلاثين وفى ذلك الوقت تعطى الشجرة الواحدة فى العام ما يصل الى 270 كليو جرام من البلح ويستمر كرم النخلة حتى تبدا فى الانحدار فى عمر المائة حتى بعد موتها لاتنسى النخلة ان تهب جسدها الى البشر ليصنعوا منه دعامات واسقف منازلهم لتكون ذكرى عطائها الكريم ماثلة امامهم على مر الاجيال بسبب كل هذه العطايا التى تهبنا اياها النخلة طمعت الكثير من الول الاجنبية فى الحصول على مثل هذه المزايا فقامت بأستيراد اشجار نخيل البلح من الدول العربية تمهيدا لزراعتة او الاستفادة منها .. فهل حافظنا نحن العرب على هذة العطية الالهية العظيمة التى صنعها خصيصا من اجل العرب .
وما عادت النخلة تغنى
نعود الى مجموعة النخيل التى تركناها سعيدة تعيش حياتها الطبيعية منذ عدة سنوات لنجد ان المنظر تغير كلية فتلك النخلة التى كانت تعابث صديقتها اصاب سعفها الذبول والاصفرار .
بينما مالت زميلتها واسندت رأسها المريض على صدر جارتها وهى تبكى بدموع كثيفة نستطيع ان نتبينها وقد سالت على جذع النخلة وتحجرت اما تلك الاسرة السعيدة من النخيل فقد توقفت عن الغناء منذ زمن اختفت اكبر نخلات هذة الاسرة ولم يعد موجود مكانها سوى جزء من جذعها وقد برزت منه احشاء النخلة التى تحول لونها الابيض الى اللون الاسود بفعل الفطريات الخبيثة وتستطيع ان تعثر اذا كنت مهتما على بقية النخلة ملقاة على الارض بجوار بقية افراد الاسرة التى مالت ناحية وهى ترسل دموعها المتحجرة بينما امتلأت جذوعها بعشرات من الجروح النازفة وظهرعليها عليها نفس اعراض المرض الذى اصاب بقية النخل . لم تعد نسمات الهواء تثير فى هذة المجموعة من النخيل العربى ألا ارتجافات مضطربة ولم يعد يصدرعنها الا اصوات انات حزينة جافة تصدرها جذوع خاوية وجريد ناشف .توقف النخيل عن الغناء بأختصار لقد توقف النخيل العربى عن الحياة فما الذى جعل النخيل العربى بعد خمسة الاف عام من الحياة السعيدة قسوة الام الجروح ومرارة طعم الدموع ومعنى الموت الاسود السبب وبأختصار وفى ثلاث كلمات هو : جن النخيل الاحمر
جن النخيل الاحمر
رغم كل مزايا نخيلنا العربى الاصيل الا ان البعض قرر ان يضرب بكل هذة المزايا عرض الحائط وان يقوم بأستيرادنخيل اجنبى لكى يقوم بتجميل شوارع مدننا العربية .ليس لهذا النخيل المستورد فائدة تذكر ولكنة يمتلك جذعا املس ناعما واوراقا شديدة خضراء زاهية ذات شكل مروحى جميل انة نخيل للزينة فقط اما غير ذلك فلا فائدة منة البتة لقد نسى العرب حكمة اجدادهم واصبحوا ينجذبون الى كل ماهو جميل خلاب دون ان يدركوا ماقد يكمن خلف هذا الجمال الخداع من انياب قاتلة وقصتنا دليل على ذلك .
انبعث اصوات عجيبة من داخل عدة فسائل من اشجار النخيل المستوردة المستوردة التى تم زراعتها .. اصوات متناهية فى الدقة ولكنها كانت كفيلة بأن تجعل الشخص المتخصص الذى يدرك خطورتها يرتجف رعبا ويقوم بحرق هذة الاشجار الخبيثة قبل ان يترك مكانه ولكن للأسف الشديد لم يسمع احد شيئا لذلك فقد بدأت هذه الاصوات ترتفع يوما بعد يوم حتى أتى يوم مشئوم برزت فية رأس حمراء مرعبة من داخل جذع واحدة من اشجار الزينة .. رأس يحمل قرنين شريرين وخرطوما طويلا وفكين حادين . زحف صاحبة هذة الرأس حتى خرجت بكاملها فاذا هى حشرة خبيثة يميل لونها الى البنى المحمر ويترواح طولها ما بين ثلاث او اربع سنتيمترات . انها حشرة مدمرة تنتمى الى عالم الخنافس ويطلق عليها العلماء اسم "سوسة النخل الحمراء" ويسميها البعض " عدو النخيل الخفى " بينما يحلو للبعض ان يسميها " جن النخيل الاحمر " والسبب فى هذة الاسماء العجيبة هى ان تقضى جميع اطوارها ( بيض ، يرقات ، عذارى ، حشرات كاملة ) مختفية عن الاعين داخل جذع النخلة بحيث لايمكن اكتشافها الابعد ان تكون قد دمرت النخلة بالكامل من الداخل تماما .
شراسة الاحتلال
تطلعت سوسة النخل حولها بنشوة وتشممت الهواء بقرنى استشعارها فأكتشفت رائحة محببة بالنسبة لها تأتى من الناحية التى توجد بها مجموعة النخيل العربى بطلات قصتنا .. رائحتها قريبة من رائحة اشجار الزينة التى تربت فى كنفها ولكنها ازكى واقوى وكانت تلك مفاجأة سارة لهذة لخذة السوسة ففردت اجنحتها ذات اللون الاحمر الدموى وطارت فى اتجاهها وكانت تلك هى بداية النهاية لنخلينا العربى خاصة وان عددا اخر من السوس بدأ يظهر من داخل اشجار الزينة ويطير فى نفس الاتجاة هبطت السوسة على جذع اكبر نخلات الاسرة التى نعرفها جيدا وتجولت فوق جذعها مستطلعة حتى عثرت على حفرة صغيرة كمنت فيها فترة من الوقت ليست بالطويلة ولكنها كانت كافية لأن تضع خلالها 300 بيضة داخل الحفرة. بعد حوالى اربعة ايام فقس البيض عن يرقات صغيرة الحجم عديمة الارجل لها فم اسود قارض شقت بمساعدتة طريقها الى داخل الجذع وبدأت تتغذى على الانسجة الطرية الحية داخل النخلة اى قلب النخلة ذاتة . بدأت اليرقات تنمو ، تتضخم فى الحجم حتى اصبحت قطعة من الدهن الكريهة لها رأس بنى اللون ويصل طولها الى خمسة سنتيمترات وعرضها الى سنتيمترين ،ثم تحولت الى عذارى داخل شرانق بيضاوية الشكل نسجتها من الياف النخيل . وبعد حوالى عشرين يوما تحولت العذارى الى الحشرات الكاملة ثقبت النخلة وخرجت منها لتهاجم المزيد من اشجار النخيل حدث كل هذا دون ان يبين له اثر من الخارج اللهم الاعدة ثقوب تنسكب منها افرازات صمغية بنية اللون ذات رائحة كريهة وبعض الانسجة المقروضة والتى تشبه الى حد ما نشارة الخشب المتساقطة على الارض حول النخل ولكن فى النهاية وبعد ان قضت الديدان النهمة على قلب الشجرة من الداخل بدأ الاصفرار يزحف على السعف وهو علامة على موت السعف واحتضار النخلة .
والنتيجة
بعد حوالى سنتين كانت الاف من اشجار النخيل العربى قد اصبحت فريسة لهذا العدو الخفى وتكاثرت اعداد السوس واصبح يهدد مئات الملايين من اشجار النخيل العربى فى المملكة العربية السعودية والامارات ومصر وغيرها من البلاد التى تسلل اليها الوباء الوافد ولم نتحرك نحن العرب الامتأخرين كعادتنا فلا يمكن تصور حياتنا بغير صديقتنا النخلة وبدأ العلماء يبحثون عن دواء ولكن حتى الان لم نصل الا الى حلول جزئية قد تصلح مؤقتا اما على المدى البعيد الفعال فنحتاج الى وسائل اقوى واكثر امانا من المبيدات الكيميائية الضارة بنا وبنخلتنا الحبيبة وقبل كل هذا نحتاج الى اهتمام اكثر بها وتحتاج هى الى حب حقيقى .
قصة بلا نهاية
الان وفى تلك المنطقة التى فيها احداث قصتنا توجد عشرات من اشجار النخيل .. ولكنة نخيل ميت .. جذوع ملقاة على الارض أكل السوس قلبها . فى وسط المأساة تقف نخلة مازالت صامدة تتحدى الغزو والاحتلال .انها النخلة الوحيدة الباقية من تلك الاسرة التى تابعناها بعد ان مات جميع افرادها من قاعدة هذه النخلة تنبت فسيلة خضراء فتية تأمل فى حياة كريمة بينما تنحنى عليها امها وقد اصفر سعفها وسالت دموعها الزكية واتجه رأسها ناحية الكعبة الشريفة ولسان حالها يقول : ايها العرب لقد كنت كريمة معكم كنتم تقذفوننى بالطوب والقى اليكم بثمارى الحلوة اننى نعمة الله اليكم من ثمار واحد من اجدادى اكلت السيدة مريم وهى تلد نبى الله عيسى علية السلام فكنت بأمر ربى نعم الملجأوالغذاء لها وذكرت فى القرآن الكريم فى العديد من السور وهذا يدل على فضلى لقد فشلتم فى حمايتى فلا اقل من ان تحموا ابنائى انسيتم مغزىوصية رسول الله صلى الله علية وسلم لكم الذى قال : " ان قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فأن استطاع ان يغرسها فليغرسها " .. وسكتت النخلة عن الكلام ولكنها مازالت تبكى .
STAR
STAR
Admin

عدد الرسائل : 166
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/11/2008

https://starromans.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى